وهو أن يوجد كتاب بغير كاتب وصنعة من غير صانع فإن هذا لا يوجبه العقل ولا يتصوره الوّهمْ ولا يستقرّ عليه الطبع والممكن الجائز الموهوم في العقل بنفس العقل كما حكى عن القرون السالفة والبُلدان النائية وما يذكر أنه سيكون بعدُ فإن ذلك ممّا يجوز في العقل أنّه كذلك ويجوز أنه ليس كذلك لأنه لا يدل خاطر على تحقيق شيء من ذلك ألا ويجوز أن يدلّ خاطر على إبطاله لدخوله في حدّ الجواز والإمكان فلمّا تكافأت الأدلّة به قصر على حدّ الوقوف فلا شيء ألا وهو معقول معلوم أو معروف أو موهوم أو محسوس في الحدّ والدليل [7] والمعارضة والقياس والاجتهاد والنظر وغير ذلك،
أقول أنّ الحدّ ما دلّ على عين الشيء وغرضه باحاطة وإيجاز كحدود الدار والأرضين التي تميز حصّة كل مالك من حصّة صاحبة فيعرف به داره فأرضه والزيادة في الحدّ نقصان والنقصان منه زيادة يبطل الحدّ المطلوب كقولك الإنسان حىّ ميّت ناطق هذا حدّه فإن زيد فيه شيءٌ أو نقص انتقض لأن الاعتبار صحّة الحدود في الاطّراد بالعكس